responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 273
وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا، كَمَا تَقُولُ: مَا كَانَ لِزَيْدٍ أَنْ أُكْرِمَهُ ثُمَّ يُهِينَنِي وَيَسْتَخِفَّ بِي وَالثَّانِي: أَنْ تُجْعَلَ (لَا) غَيْرَ مَزِيدَةٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَى قُرَيْشًا عَنْ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى عَنْ عِبَادَةِ عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ، فَلَمَّا قَالُوا: أَتُرِيدُ أَنْ نَتَّخِذَكَ رَبًّا؟ قِيلَ لَهُمْ: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ نَبِيًّا ثُمَّ يَأْمُرَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ نَفْسِهِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِئْنَافِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْآيَةِ وَتَمَامِ الْكَلَامِ، وَمِمَّا يدل على الانقطاع عن الأولى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ وَلَنْ يَأْمُرَكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: وَلَا يَأْمُرُكُمُ اللَّهُ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لَا يَأْمُرُكُمْ مُحَمَّدٌ، وَقِيلَ: لَا يَأْمُرُكُمُ الْأَنْبِيَاءُ بِأَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ أَرْبَابًا كَمَا فَعَلَتْهُ قُرَيْشٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِنَّمَا خَصَّ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الَّذِينَ وُصِفُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ لَمْ يُحْكَ عَنْهُمْ إِلَّا عِبَادَةُ الْمَلَائِكَةِ وَعِبَادَةُ الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وفيه ومسائل:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْهَمْزَةُ فِي أَيَأْمُرُكُمْ اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، أَيْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» قَوْلُهُ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَهُمُ الَّذِينَ اسْتَأْذَنُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَسْجُدُوا لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْكُفْرُ بِاللَّهِ هُوَ الْجَهْلُ بِهِ وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ هُوَ الْمَعْرِفَةُ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِكُفْرِ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا عَارِفِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وظاهر هذا يدل على معرفتهم بِاللَّهِ فَلَمَّا حَصَلَ الْكُفْرُ هَاهُنَا مَعَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ بِهِ لَيْسَ هُوَ الْمَعْرِفَةَ وَالْكُفْرَ بِهِ تَعَالَى لَيْسَ هُوَ الْجَهْلَ بِهِ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَنَا الْكُفْرُ بِاللَّهِ هُوَ الْجَهْلُ بِهِ لَا نَعْنِي بِهِ مُجَرَّدَ الْجَهْلِ بِكَوْنِهِ مَوْجُودًا بَلْ نَعْنِي بِهِ الْجَهْلَ بِذَاتِهِ وَبِصِفَاتِهِ السَّلْبِيَّةِ وَصِفَاتِهِ الْإِضَافِيَّةِ أَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْمَعْبُودِيَّةِ، فَلَمَّا جَهِلَ هذا فقد جهل بعض صفاته.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 81 الى 82]
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (82)
اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ تَعْدِيدُ تَقْرِيرِ الْأَشْيَاءِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطْعًا لِعُذْرِهِمْ وَإِظْهَارًا لِعِنَادِهِمْ وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ بِأَنَّهُمْ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ آمَنُوا بِهِ وَنَصَرُوهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ قَبِلُوا ذَلِكَ وَحَكَمَ تَعَالَى بِأَنَّ مَنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ مِنَ الْفَاسِقِينَ، فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ فَحَصَلَ الْكَلَامُ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ الْإِيمَانَ بِكُلِّ رَسُولٍ جَاءَ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَكْفِي فِي إِثْبَاتِ نُبُوَّةِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست